*📬بماذا تثبت الإمامة والخلافة📬*
📮الأول والثاني :النص من الخليفة الأول على شخص معين أو على تعيين في جعل الأمر شورى بينهم في تعيين أحدهم.
🔰قال القرطبي - رحمه اللّه تعالى -:
فإذا نص المستخلف على واحد معين كما فعل الصديق، أو على جماعة كما فعل عمر – رضي اللّه عنه - وهو الطريق الثاني، ويكون التخيير إليهم في تعيين واحد منهم كما فعل الصحابة رضي اللّه عنهم [في تعيين عثمان بن عفان رضي اللّه عنه]. []
🔰وقال النووي - رحمه اللّه تعالى -:
وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف. وأجمعوا على جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين جماعة كما فعل عمر بالستة وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة ووجوبه بالشرع لا بالعقل وأما ما حكى عن الأصم أنه قال لا يجب وعن غيره أنه يجب بالعقل لا بالشرع فباطلان أما الأصم فمحجوج بإجماع من قبله ولا حجة له في بقاء الصحابة بلا خليفة في مدة التشاور يوم السقيفة وأيام الشورى بعد وفاة عمر- رضي اللّه عنه - لأنهم لم يكونوا تاركين لنصب الخليفة بل كانوا ساعين في النظر في أمر من يعقد له وأما القائل الآخر ففساد قوله ظاهر لأن العقل لا يوجب شيئا ولا يحسنه ولا يقبحه وإنما يقع ذلك بحسب العادة لا بذاته. []
📮الثالث: تعيين أهل الحل والعقد على رجل سواء كان ذلك منهم إجماعا أو بعضهم ويتعين أن يكون الخليفة من عين أولا إذا اختلفوا.
🔰قال النووي - رحمه اللّه تعالى -:
وأجمعوا على انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة.[]
🔰قال القرطبي - رحمه اللّه تعالى -:
إجماع أهل الحل والعقد، وذلك أن الجماعة في مصر من أمصار المسلمين إذا مات إمامهم ولم يكن لهم إمام ولا استخلف فأقام أهل ذلك المصر الذي هو حضرة الإمام وموضعه إماما لأنفسهم اجتمعوا عليه ورضوه. []
🔰وقال - رحمه اللّه تعالى - أيضا:
إذا انعقدت الإمامة باتفاق أهل الحل والعقد أو بواحد على ما تقدم وجب على الناس كافة مبايعته على السمع والطاعة، وإقامة كتاب الله وسنة رسوله ﷺ. ومن تأبى عن البيعة لعذر عذر، ومن تأبى لغير عذر جبر وقهر، لئلا تفترق كلمة المسلمين. وإذا بويع لخليفتين فالخليفة الأول وقُتل الآخر. قال رسول الله ﷺ: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما»[]
وفي حديث عبد الله بن عمرو – رضي اللّه عنه - عن النبي ﷺ أنه سمعه يقول: «ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه أن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» [] ومن حديث عرفجة: «فاضربوه بالسيف كائنا من كان» وهذا أدل دليل على منع إقامة إمامين، ولأن ذلك يؤدي إلى النفاق والمخالفة والشقاق وحدوث الفتن وزوال النعم. []
📮الرابع: التغلب على الإمارة بالقوة والقهر.
🔰قال الإمام القرطبي - رحمه اللّه تعالى -:
فإن تغلب من له أهلية الإمامة وأخذها بالقهر والغلبة فقد قيل إن ذلك يكون طريقا رابعا. وقد سئل سهل بن عبد الله التستري: ما يجب علينا لمن غلب على بلادنا وهو إمام؟ قَالَ: تجيبه وتؤدي إليه ما يطالبك من حقه، ولا تنكر فعاله ولا تفر منه، وإذا ائتمنك على سر من أمر الدين لم تفشه. وقال ابن خويزمنداد: ولو وثب على الأمر من يصلح له من غير مشورة ولا اختيار وبايع له الناس تمت له البيعة، والله أعلم.[]
🔰قال الحافظ ابن حجر – رحمه اللّه تعالى -:
قد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب، والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه، لما في ذلك من حقن الدماء ، وتسكين الدهماء، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها. []
🔰وقال العلامة العلم ابن بطال - رحمه اللّه تعالى -:
في هذه الأحاديث حجة في ترك الخروج على أئمة الجور، ولزوم السمع والطاعة لهم والفقهاء مجمعون على أن الإمام المتغلّب طاعته لازمة، ما أقام الجمعات والجهاد، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء، ألا ترى قوله: ﷺ لأصحابه: سترون بعدى أثرةً وأمورًا تنكروها. فوصف أنهم سيكون عليهم أمراء يأخذون منهم الحقوق ويستأثرون بها، ويؤثرون بها من لا تجب له الأثرة، ولا يعدلون فيها، وأمرهم بالصبر عليهم والتزام طاعتهم على ما فيهم من الجور، وذكر على بن معبد عن على بن أبى طالب – رضي اللّه عنه - أنه قال : لابد من إمامة برة أو فاجرة. قيل له: البرة لابد منها، فما بال الفاجرة؟ قال: تقام بها الحدود، و تأمن بها السبل، ويقسم بها الفئ، ويجاهد بها العدو. ألا ترى قوله ﷺ فى حديث ابن عباس – رضي اللّه عنه - : « من خرج من السلطان شبرًا مات ميتةً جاهليةً» وفى حديث عبادة – رضي اللّه عنه- : « بايعنا رسول الله على السمع والطاعة» إلى قوله: « وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا» فدل هذا كله على ترك الخروج على الأئمة، وألا يشق عصا المسلمين، وألا يتسبب إلى سفك الدماء وهتك الحريم، إلا أن يكفر الإمام ويظهر خلاف دعوة الإسلام، فلا طاعة لمخلوق عليه. انتهى كلامه[]
🔰قال الإمام العلامة النووي - رحمه اللّه تعالى -:
قوله: أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله: هذا فيه دليل لوجوب طاعة المتولين للإمامة بالقهر من غير إجماع ولا عهد. [].
‼️‼️تنبية: قال شيخ الإسلام والمسلمين - رحمه اللّه تعالى -:حَكَى أَصْحَابُنَا - كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ - عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ هَلْ ثَبَتَتْ بِاخْتِيَارِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ ؟ أَوْ بِالنَّصِّ الْخَفِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ ؟ أَوْ الْبَيِّنِ؟
أَحَدُهُمَا: بِالِاخْتِيَارِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْمُتَكَلِّمِين: كَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
والثَّانِيَةُ: بِالنَّصِّ الْخَفِيِّ وَهُوَ قَوْلُ طَوَائِفِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَيُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَبَعْضُ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ يَقُولُونَ بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ. وَأَمَّا قَوْلُ الْإِمَامِيَّةِ إنَّهَا ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ عَلَى عَلِيٍّ. وَقَوْلُ الزَّيْدِيَّةِ الجارودية إنَّهَا بِالنَّصِّ الْخَفِيِّ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ الراوندية إنَّهَا بِالنَّصِّ عَلَى الْعَبَّاسِ. فَهَذِهِ أَقْوَالٌ ظَاهِرَةُ الْفَسَادِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ. وَإِنَّمَا يَدِينُ بِهَا. إمَّا جَاهِلٌ وَإِمَّا ظَالِمٌ. وَكَثِيرٌ مِمَّنْ يَدِينُ بِهَا زِنْدِيقٌ.
📘 المرجع/ حقوق الراعي والرعية في ميزان الإسلام.
اللهم يسر بطباعته.
❐أبّوَ مٌحُمٌدِ طِاُهرَ الُسِمٌاوَيَ❐:
https://t.me/taheer77
════ ❁✿❁ ════
*✍ إنشـــر.فنشر.العــلم.من.أجل.القربـــات.ms*
هذه مدونة خاصة بأبي محمد طاهر السماوي وفقه الله وفيها كتب ومحاضرات ونصائح ومنشورات خاصة به. نسأل آلله أن ينفع بها في الحياة وبعد الممات
الثلاثاء، 17 مارس 2020
الثلاثاء، 25 فبراير 2020
منهج أهل السنة من عصمة العلماء وموقف المسلم من ذلك.
منهج أهل السنة من عصمة العلماء
🏷قال الله تعالى -: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)﴾. فأصحاب رسول الله ﷺ حصل منهم من الخطأ في ترك الجبل الذي أمرهم رسول الله ﷺ بلزومه وعدم مفارقته وحصل هذا الأمر منهم فكانت الهزيمة بعد النصر ثم أكرمهم الله تعالى بالنصر فليسوا بمعصومين رضي الله عنهم فكيف بغيرهم من العباد مهما بلغوا من الخير فلن يكونوا أهدى من أصحاب رسول الله ﷺ
🏷وقال الله تعالى -: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾
فهذا خطاب لكل مسلم أن يتق الله تعالى ووعده الله بالخير في الدنيا والأخرى ومن ذلك مغفرة الخطأ والزلل وهذا دليل أن المؤمن يحتاج إلى توبة الله تعالى عليه وهو العبد المذنب فعلينا بتقوى الله تعالى .
🏷وقال تعالى -: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (68)﴾
🏷وقال الله تعالى -: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)﴾
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال: رسول الله ﷺ: «والّذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم». [مسلم(2749)]. خطاب لأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو خطاب لجميع المكلفين عدا الأنبياء بأن العبد مجبول على الخطأ مهما بلغ من التقوى والعلم والخير فاللهم عفوك عنا وسترك علينا يارب.
🏷وعن أبي ذرّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ ﷺ، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنّه قال: « يا عبادي إنّكم تخطئون باللّيل والنّهار، وأنا أغفر الذّنوب جميعا. فاستغفروني أغفر لكم». [مسلم(2577)]
وعن معاذ رضي الله عنه قال قال: رسول الله ﷺ: «ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه؟». قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال: «كفّ عليك هذا»، فقلت: يا نبي الله، وإنّا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟ فقال: «ثكلتك أمّك يا معاذ، وهل يكبّ النّاس في النّار على وجوههم أو على مناخرهم- إلّا حصائد ألسنتهم». [وقال الألباني في صحيح الترمذي(2110) صحيح]
ومعاذ بن جبل أمام العلماء يوم القيامة برتوة .[صحيح الجامع(5880)]
✒ قال الإمام الذهبي - رحمه الله تعالى -:
لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينه وبينه شحناء وإحنة، وقد علم أن كثيراً من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به ، لا سيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف. [السير(7/40-41)]
✒وقال الذهبي – رحمه الله تعالى -:
ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل، لكن هم أكثر الناس صواباً، وأندرهم خطأ، وأشدهم إنصافاً، وأبعدهم عن التحامل.
وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح، فتمسك به، واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه، فتندم.
ومن شذ منهم، فلا عبرة به.
فخل عنك العناء، وأعط القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الأكابر، لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام وبلسان الشريعة، وبجاه السنة وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول ﷺ ، فنعوذ بالله من الخذلان. [السير(11/ 83)]
✒قال الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله تعالى -:
لا يُشْتَرَطُ في العالم أنْ لا يُخْطِئ، فعلماء الحديث والأثر وأهل الفقه والنظر ربما حصل منهم أغلاط لأنَّهُم غير معصومين، وهذه الأغلاط التي قد تحصل منهم حُصُولها من نِعَمِ الله - عز وجل -.
ولمَّا سُئِلَ بعض الأئمة عن غلط العالم؛ كيف يغلط العالم، كيف يخالف السنة، كيف يكون في سلوكه مُقَصِّرْ، كيف يغيب عن ذهبنه في مسألة التدقيق ويتساهل؟
فقال (لئلا يُشَابِهْ العلماء الأنبياء)، لأنَّ النبي هو الذي لا ينطق عن الهوى، هو الذي يصيب في كل شيء وهو الذي يُتَّبَعْ في كل شيء، فإذا كان العالم على صوابٍ كثير وربما وقع في اجتهاد هو عليه مأجور ولكنه أخطأ في ذلك، لم يكن عند الناس رَفْعْ لعالم في منزلة النبي فَيُتَّبَعْ على كل شيء، فيحصل في النفوس التوحيد والبحث عن الحق من الكتاب والسنة والنظر فيما يُبَرِّئْ الذمة في ذلك.[شرح الطحاوية الشريط(45)].
✒قال العلامة العباد - حفظه الله تعالى -:
ليست العصمةُ لأحد بعد رسول الله ﷺ فلا يسلم عالِمٌ من خطأ، ومن أخطأ لا يُتابَع على خطئه، ولا يُتخذ ذلك الخطأ ذريعة إلى عيبه والتحذير منه، بل يُغتفر خطؤه القليل في صوابه الكثير، ومن كان من هؤلاء العلماء قد مضى فيُستفادُ من علمه مع الحذر من متابعته على الخطأ، ويُدعى له ويُترحَّم عليه، ومَن كان حيًّا سواء كان عالماً أو طالب علم يُنبَّه على خطئه برفق ولين ومحبَّة لسلامته من الخطأ ورجوعه إلى الصواب. [رفقاً أهل السنة بأهل السنة(14)]
وذكر بعدها نقولات جيدة في هذا الصدد أنقلها لكم منها:
🕳قال سعيد بن المسيب: ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلاَّ وفيه عيب، ولكن مَن كان فضلُه أكثرَ من نقصه ذهب نقصه لفضله، كما أنَّه من غلب عليه نقصانه ذهب فضله. وقال غيره: لا يسلم العالم من الخطأ، فمَن أخطأ قليلاً وأصاب كثيراً فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيراً فهو جاهل. [جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (2/48)]
🕳وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى -:
إذا غلبت محاسنُ الرَّجل على مساوئه لَم تُذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ عن المحاسن لَم تُذكر المحاسن. [سير أعلام النبلاء للذهبي (8/352)]
وقال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -:
لَم يعبر الجسر من خراسان مثل إسحاق (يعني ابن راهويه)، وإن كان يخالفنا في أشياء؛ فإنَّ الناسَ لم يزل يخالف بعضُهم بعضاً. [سير أعلام النبلاء (11/371)].
🕳وقال أبو حاتم ابن حبان: كان عبد الملك ـ يعني ابن أبي سليمان ـ من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويُحدِّث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبْتٍ صحَّت عدالتُه بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة؛ لأنَّهم أهل حفظ وإتقان، وكانوا يحدِّثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروي الثبت من الروايات، وترك ما صح أنَّه وهم فيها ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ. [الثقات (7/97 ـ 98)].
🕳وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -:
ومِمَّا ينبغي أن يُعرف أن الطوائفَ المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدِّين والكلام على درجات، منهم مَن يكون قد خالف السنَّةَ في أصول عظيمة، ومنهم مَن يكون إنَّما خالف السنَّةَ في أمور دقيقة.
وَمن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعدُ عن السنَّة منه، فيكون محموداً فيما ردَّه من الباطل وقاله من الحقِّ، لكن يكون قد جاوز العدل في ردِّه بحيث جحد بعضَ الحقِّ وقال بعضَ الباطل، فيكون قد ردَّ بدعةً كبيرة ببدعة أخفَّ منها، ورد باطلاً بباطل أخفَّ منه، وهذه حالُ أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنَّة والجماعة.
ومثل هؤلاء إذا لَم يَجعلوا ما ابتدعوه قولاً يفارقون به جماعةَ المسلمين يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأَهم في مثل ذلك.
ولهذا وقع في مثل هذا كثيرٌ من سلف الأمة وأئمتها لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة، بخلاف مَن والى موافقَه وعادى مخالفَه، وفرَّق بين جماعة المسلمين، وكفَّر وفسَّق مخالفَه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحلَّ قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات. [مجموع الفتاوى (3/348 ـ 349)].
🕳وقال [ المجموع(19/191 ـ 192)]: وكثيرٌ من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنَّه بدعة، إمَّا لأحاديث ضعيفة ظنُّوها صحيحة، وإمَّا لآيات فهموا منها ما لَم يُرَد منها، وإمَّا لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتَّقى الرَّجل ربَّه ما استطاع دخل في قوله تعالى: ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾ وفي الصحيح أنَّ الله قال: (قد فعلتُ).
وقال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى -:
ثم إن الكبير من أئمَّة العلم إذا كثر صوابُه، وعُلم تحرِّيه للحقِّ، واتَّسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعُرف صلاحُه وورعه واتِّباعه، يُغفر له زللـه، ولا نضلِّله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم! ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك. [سير أعلام النبلاء (5/271)].
وهذا يقصد به الأئمة الكبار من أهل العلم والإجتهاد فإن مكانتهم ينبغي أن تصان ولا يُطَرحوا بحال.
🕳وقال أيضاً: ولو أنَّا كلَّما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له قُمنا عليه وبدَّعناه وهجَرناه، لَمَا سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا مَن هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحقِّ، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة. [السير (14/39 ـ 40)].
🕳وقال أيضاً: ولو أنَّ كلَّ من أخطأ في اجتهاده ـ مع صحَّة إيمانه وتوخِّيه لاتباع الحقِّ ـ أهدرناه وبدَّعناه، لقلَّ مَن يسلم من الأئمَّة معنا، رحم الله الجميعَ بمنِّه وكرمه. [السير (14/376)].
وقال أيضاً: ونحبُّ السنَّة وأهلها، ونحبُّ العالم على ما فيه من الاتِّباع والصفات الحميدة، ولا نحبُّ ما ابتدع فيه بتأويل سائغ، وإنَّما العبرة بكثرة المحاسن. [السير (20/46)].
🕳وقال ابن القيم رحمه الله تعالى -:
معرفة فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم وأنَّ فضلَهم وعلمَهم ونصحهم لله ورسوله لا يوجب قبول كلِّ ما قالوه، وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول، فقالوا بمبلغ علمهم والحقُّ في خلافها، لا يوجب اطِّراح أقوالهم جملة، وتنقصهم والوقيعة فيهم، فهذان طرفان جائران عن القصد، وقصد السبيل بينهما، فلا نؤثم ولا نعصم... إلى أن قال: ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أنَّ الرَّجلَ الجليل الذي له في الإسلام قدَم صالح وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلَّة هو فيها معذور، بل ومأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يُتبع فيها، ولا يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين . [إعلام الموقعين (3/295)].
🕳وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى -:
ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير من صوابه. [القواعد (ص:3)]
وليس هذا من باب الموازنة بين الحسنات والسيئات فإنها قاعدة حزبية مردودة يراد بها هدم الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسكوت على المبطل.
فمعرفة قدر العالم والداعي السلفي أمر مهم وإن أخطأ لأن الخطأ كتبه الله على جميع بني آدم عد الأنبياء والرسل.
فينبغي التعامل مع خطأه وغلطه بما يناسبه وبما يكون عونا له على ترك الخطأ لأن الأصل فيه السنة والسلامة وقصد الحق والسنة والخطأ يناصح عليه ولا يوافق عليه.
وإن كان من المسائل التي يسع فيها الخلاف فلكل واحد قوله.
وأما المبتدع فينظر إلى غلطه وتشغيبه وانحرافه لأن الأصل فيه البدعة والفتنة والشر على دين الله تعالى.
📚كتبه/ أبو محمد طاهر السماوي وفقه الله وسدده ودفع عنه الشر وأهله.
🕳المرجع/ كلام الأقران بعضهم في بعض.
24/جماد الأخر/ 1441ه
https://t.me/taheer77
════ ❁✿❁ ════
*✍ إنشـــر.فنشر.العــلم.من.أجل.القربـــات.ms*
🏷قال الله تعالى -: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)﴾. فأصحاب رسول الله ﷺ حصل منهم من الخطأ في ترك الجبل الذي أمرهم رسول الله ﷺ بلزومه وعدم مفارقته وحصل هذا الأمر منهم فكانت الهزيمة بعد النصر ثم أكرمهم الله تعالى بالنصر فليسوا بمعصومين رضي الله عنهم فكيف بغيرهم من العباد مهما بلغوا من الخير فلن يكونوا أهدى من أصحاب رسول الله ﷺ
🏷وقال الله تعالى -: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾
فهذا خطاب لكل مسلم أن يتق الله تعالى ووعده الله بالخير في الدنيا والأخرى ومن ذلك مغفرة الخطأ والزلل وهذا دليل أن المؤمن يحتاج إلى توبة الله تعالى عليه وهو العبد المذنب فعلينا بتقوى الله تعالى .
🏷وقال تعالى -: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (68)﴾
🏷وقال الله تعالى -: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)﴾
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال: رسول الله ﷺ: «والّذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم». [مسلم(2749)]. خطاب لأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو خطاب لجميع المكلفين عدا الأنبياء بأن العبد مجبول على الخطأ مهما بلغ من التقوى والعلم والخير فاللهم عفوك عنا وسترك علينا يارب.
🏷وعن أبي ذرّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ ﷺ، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنّه قال: « يا عبادي إنّكم تخطئون باللّيل والنّهار، وأنا أغفر الذّنوب جميعا. فاستغفروني أغفر لكم». [مسلم(2577)]
وعن معاذ رضي الله عنه قال قال: رسول الله ﷺ: «ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه؟». قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال: «كفّ عليك هذا»، فقلت: يا نبي الله، وإنّا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟ فقال: «ثكلتك أمّك يا معاذ، وهل يكبّ النّاس في النّار على وجوههم أو على مناخرهم- إلّا حصائد ألسنتهم». [وقال الألباني في صحيح الترمذي(2110) صحيح]
ومعاذ بن جبل أمام العلماء يوم القيامة برتوة .[صحيح الجامع(5880)]
✒ قال الإمام الذهبي - رحمه الله تعالى -:
لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينه وبينه شحناء وإحنة، وقد علم أن كثيراً من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به ، لا سيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف. [السير(7/40-41)]
✒وقال الذهبي – رحمه الله تعالى -:
ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل، لكن هم أكثر الناس صواباً، وأندرهم خطأ، وأشدهم إنصافاً، وأبعدهم عن التحامل.
وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح، فتمسك به، واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه، فتندم.
ومن شذ منهم، فلا عبرة به.
فخل عنك العناء، وأعط القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الأكابر، لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام وبلسان الشريعة، وبجاه السنة وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول ﷺ ، فنعوذ بالله من الخذلان. [السير(11/ 83)]
✒قال الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله تعالى -:
لا يُشْتَرَطُ في العالم أنْ لا يُخْطِئ، فعلماء الحديث والأثر وأهل الفقه والنظر ربما حصل منهم أغلاط لأنَّهُم غير معصومين، وهذه الأغلاط التي قد تحصل منهم حُصُولها من نِعَمِ الله - عز وجل -.
ولمَّا سُئِلَ بعض الأئمة عن غلط العالم؛ كيف يغلط العالم، كيف يخالف السنة، كيف يكون في سلوكه مُقَصِّرْ، كيف يغيب عن ذهبنه في مسألة التدقيق ويتساهل؟
فقال (لئلا يُشَابِهْ العلماء الأنبياء)، لأنَّ النبي هو الذي لا ينطق عن الهوى، هو الذي يصيب في كل شيء وهو الذي يُتَّبَعْ في كل شيء، فإذا كان العالم على صوابٍ كثير وربما وقع في اجتهاد هو عليه مأجور ولكنه أخطأ في ذلك، لم يكن عند الناس رَفْعْ لعالم في منزلة النبي فَيُتَّبَعْ على كل شيء، فيحصل في النفوس التوحيد والبحث عن الحق من الكتاب والسنة والنظر فيما يُبَرِّئْ الذمة في ذلك.[شرح الطحاوية الشريط(45)].
✒قال العلامة العباد - حفظه الله تعالى -:
ليست العصمةُ لأحد بعد رسول الله ﷺ فلا يسلم عالِمٌ من خطأ، ومن أخطأ لا يُتابَع على خطئه، ولا يُتخذ ذلك الخطأ ذريعة إلى عيبه والتحذير منه، بل يُغتفر خطؤه القليل في صوابه الكثير، ومن كان من هؤلاء العلماء قد مضى فيُستفادُ من علمه مع الحذر من متابعته على الخطأ، ويُدعى له ويُترحَّم عليه، ومَن كان حيًّا سواء كان عالماً أو طالب علم يُنبَّه على خطئه برفق ولين ومحبَّة لسلامته من الخطأ ورجوعه إلى الصواب. [رفقاً أهل السنة بأهل السنة(14)]
وذكر بعدها نقولات جيدة في هذا الصدد أنقلها لكم منها:
🕳قال سعيد بن المسيب: ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلاَّ وفيه عيب، ولكن مَن كان فضلُه أكثرَ من نقصه ذهب نقصه لفضله، كما أنَّه من غلب عليه نقصانه ذهب فضله. وقال غيره: لا يسلم العالم من الخطأ، فمَن أخطأ قليلاً وأصاب كثيراً فهو عالم، ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيراً فهو جاهل. [جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (2/48)]
🕳وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى -:
إذا غلبت محاسنُ الرَّجل على مساوئه لَم تُذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ عن المحاسن لَم تُذكر المحاسن. [سير أعلام النبلاء للذهبي (8/352)]
وقال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى -:
لَم يعبر الجسر من خراسان مثل إسحاق (يعني ابن راهويه)، وإن كان يخالفنا في أشياء؛ فإنَّ الناسَ لم يزل يخالف بعضُهم بعضاً. [سير أعلام النبلاء (11/371)].
🕳وقال أبو حاتم ابن حبان: كان عبد الملك ـ يعني ابن أبي سليمان ـ من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويُحدِّث من حفظه أن يهم، وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبْتٍ صحَّت عدالتُه بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة؛ لأنَّهم أهل حفظ وإتقان، وكانوا يحدِّثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروي الثبت من الروايات، وترك ما صح أنَّه وهم فيها ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ. [الثقات (7/97 ـ 98)].
🕳وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -:
ومِمَّا ينبغي أن يُعرف أن الطوائفَ المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدِّين والكلام على درجات، منهم مَن يكون قد خالف السنَّةَ في أصول عظيمة، ومنهم مَن يكون إنَّما خالف السنَّةَ في أمور دقيقة.
وَمن يكون قد رد على غيره من الطوائف الذين هم أبعدُ عن السنَّة منه، فيكون محموداً فيما ردَّه من الباطل وقاله من الحقِّ، لكن يكون قد جاوز العدل في ردِّه بحيث جحد بعضَ الحقِّ وقال بعضَ الباطل، فيكون قد ردَّ بدعةً كبيرة ببدعة أخفَّ منها، ورد باطلاً بباطل أخفَّ منه، وهذه حالُ أكثر أهل الكلام المنتسبين إلى السنَّة والجماعة.
ومثل هؤلاء إذا لَم يَجعلوا ما ابتدعوه قولاً يفارقون به جماعةَ المسلمين يوالون عليه ويعادون كان من نوع الخطأ، والله سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأَهم في مثل ذلك.
ولهذا وقع في مثل هذا كثيرٌ من سلف الأمة وأئمتها لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنة، بخلاف مَن والى موافقَه وعادى مخالفَه، وفرَّق بين جماعة المسلمين، وكفَّر وفسَّق مخالفَه دون موافقه في مسائل الآراء والاجتهادات، واستحلَّ قتال مخالفه دون موافقه، فهؤلاء من أهل التفرق والاختلافات. [مجموع الفتاوى (3/348 ـ 349)].
🕳وقال [ المجموع(19/191 ـ 192)]: وكثيرٌ من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنَّه بدعة، إمَّا لأحاديث ضعيفة ظنُّوها صحيحة، وإمَّا لآيات فهموا منها ما لَم يُرَد منها، وإمَّا لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتَّقى الرَّجل ربَّه ما استطاع دخل في قوله تعالى: ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾ وفي الصحيح أنَّ الله قال: (قد فعلتُ).
وقال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى -:
ثم إن الكبير من أئمَّة العلم إذا كثر صوابُه، وعُلم تحرِّيه للحقِّ، واتَّسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعُرف صلاحُه وورعه واتِّباعه، يُغفر له زللـه، ولا نضلِّله ونطرحه، وننسى محاسنه، نعم! ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك. [سير أعلام النبلاء (5/271)].
وهذا يقصد به الأئمة الكبار من أهل العلم والإجتهاد فإن مكانتهم ينبغي أن تصان ولا يُطَرحوا بحال.
🕳وقال أيضاً: ولو أنَّا كلَّما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له قُمنا عليه وبدَّعناه وهجَرناه، لَمَا سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن منده ولا مَن هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحقِّ، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة. [السير (14/39 ـ 40)].
🕳وقال أيضاً: ولو أنَّ كلَّ من أخطأ في اجتهاده ـ مع صحَّة إيمانه وتوخِّيه لاتباع الحقِّ ـ أهدرناه وبدَّعناه، لقلَّ مَن يسلم من الأئمَّة معنا، رحم الله الجميعَ بمنِّه وكرمه. [السير (14/376)].
وقال أيضاً: ونحبُّ السنَّة وأهلها، ونحبُّ العالم على ما فيه من الاتِّباع والصفات الحميدة، ولا نحبُّ ما ابتدع فيه بتأويل سائغ، وإنَّما العبرة بكثرة المحاسن. [السير (20/46)].
🕳وقال ابن القيم رحمه الله تعالى -:
معرفة فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم وأنَّ فضلَهم وعلمَهم ونصحهم لله ورسوله لا يوجب قبول كلِّ ما قالوه، وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول، فقالوا بمبلغ علمهم والحقُّ في خلافها، لا يوجب اطِّراح أقوالهم جملة، وتنقصهم والوقيعة فيهم، فهذان طرفان جائران عن القصد، وقصد السبيل بينهما، فلا نؤثم ولا نعصم... إلى أن قال: ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أنَّ الرَّجلَ الجليل الذي له في الإسلام قدَم صالح وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلَّة هو فيها معذور، بل ومأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يُتبع فيها، ولا يجوز أن تُهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين . [إعلام الموقعين (3/295)].
🕳وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى -:
ويأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير من صوابه. [القواعد (ص:3)]
وليس هذا من باب الموازنة بين الحسنات والسيئات فإنها قاعدة حزبية مردودة يراد بها هدم الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسكوت على المبطل.
فمعرفة قدر العالم والداعي السلفي أمر مهم وإن أخطأ لأن الخطأ كتبه الله على جميع بني آدم عد الأنبياء والرسل.
فينبغي التعامل مع خطأه وغلطه بما يناسبه وبما يكون عونا له على ترك الخطأ لأن الأصل فيه السنة والسلامة وقصد الحق والسنة والخطأ يناصح عليه ولا يوافق عليه.
وإن كان من المسائل التي يسع فيها الخلاف فلكل واحد قوله.
وأما المبتدع فينظر إلى غلطه وتشغيبه وانحرافه لأن الأصل فيه البدعة والفتنة والشر على دين الله تعالى.
📚كتبه/ أبو محمد طاهر السماوي وفقه الله وسدده ودفع عنه الشر وأهله.
🕳المرجع/ كلام الأقران بعضهم في بعض.
24/جماد الأخر/ 1441ه
https://t.me/taheer77
════ ❁✿❁ ════
*✍ إنشـــر.فنشر.العــلم.من.أجل.القربـــات.ms*
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
تلحين العبادات القولية
📮التلحين في العبادات القولية. بالنسبه للتلحين في العبادات القولية لا يوجد عبادة من العبادات يشرع فيها التلحين والذي هو مشروع تحسين الصوت ...
-
_~*🔊 أساليب جديدة من بعض الدعاة*~_ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله. وبعد: فصدق الله القائل: {وإنك لعلى خلق عظيم} وصدق...
-
📮اقرأ هذا ثم الرد بعده لعلك تهتدي. دفاعات أهل السنة على الشيخ /محمد الامام ضد الصعافقه 💥 1⃣دفاع الشيخ العلامه/عبدالرحمن بن مرعي العد...
-
الباب العشرون: وصف نساء الجنة وحورها المبحث الأول: الحور العين الحور العين نساء لا يعلم مقدار حسنهن وجمالهن إلا الذي خلقهن، ولكن...
-
#فوائد_علمية. #مختصر_أحكام_الأضاحي. 📮↜ ٲولاً التعريف: ▣اﻷﺿﺤﻴﺔ: ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺭﺑﻊ ﻟﻐﺎﺕ، ﺇﺿﺤﻴﺔ. ﻭﺃﺿﺤﻴﺔ ﻭاﻟﺠﻤﻊ ﺃﺿﺎﺣﻲ. ﻭﺿﺤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻴﻠﺔ ﻭاﻟﺠﻤﻊ ...
-
#فوائد_علمية. #مختصر_مسائل_وأحكام_العيد. 📮↜: التعريف: العيد اسمٌ لما يعود من الاجتماع العام على وجهٍ معتاد، عائدٍ بعود السنة، أو بعود...