الأحد، 2 فبراير 2020

✒حياة الأقران لابد أن تكون مبنية على التعاون والإنصاف.


حياة الأقران لابد أن تكون مبنية على التعاون والإنصاف.


قال الله تعالى -: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.
عن أبي موسى الأشعريّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا ثمّ شبّك بين أصابعه». [البخاري(6026)، مسلم(2585)].
قال الماورديّ- رحمه الله تعالى -:
تنقسم أحوال من دخل في عداد الإخوان أربعة أقسام: منهم من يعين ويستعين، ومنهم من لا يعين ولا يستعين، ومنهم من يستعين ولا يعين، ومنهم من يعين ولا يستعين.
فأمّا المعين والمستعين فهو معاوض منصف يؤدّي ما عليه ويستوفي ماله، فهو كالمقرض يسعف عند الحاجة ويستردّ عند الاستغناء، وهو مشكور في معونته، ومعذور في استعانته، فهذا أعدل الإخوان.
وأمّا من لا يعين ولا يستعين فهو متروك قد منع خيره وقمع شرّه فهو لا صديق يرجى، ولا عدوّ يخشى، وإذا كان الأمر كذلك فهو كالصّورة الممثّلة، يروقك حسنها، ويخونك نفعها، فلا هو مذموم لقمع شرّه، ولا هو مشكور لمنع خيره، وإن كان باللّوم أجدر.
وأمّا من يستعين ولا يعين فهو لئيم كلّ، ومهين مستذلّ قد قطع عنه الرّغبة وبسط فيه الرّهبة،فلا خيره يرجى ولا شرّه يؤمن، وحسبك مهانة من رجل مستثقل عند إقلاله، ويستقلّ عند استقلاله فليس لمثله في الإخاء حظّ، ولا في الوداد نصيب.
وأمّا من يعين ولا يستعين فهو كريم الطّبع، مشكور الصّنع، وقد حاز فضيلتي الابتداء والاكتفاء، فلا يرى ثقيلا في نائبة، ولا يقعد عن نهضة في معونة.
فهذا أشرف الإخوان نفسا وأكرمهم طبعا فينبغي لمن أوجد له الزّمان مثله، وقلّ أن يكون له مثل؛ لأنّه البرّ الكريم والدّرّ اليتيم، أن يثني عليه خنصره، ويعضّ عليه بناجذه ويكون به أشدّ ضنّا منه بنفائس أمواله، وسنيّ ذخائره؛ لأنّ نفع الإخوان عامّ، ونفع المال خاصّ، ومن كان أعمّ نفعا فهو بالادّخار أحقّ، ثمّ لا ينبغي أن يزهد فيه لخلق أو خلقين ينكرهما منه إذا رضي سائر أخلاقه، وحمد أكثر شيمه؛ لأنّ اليسير مغفور والكمال معوز. [أدب الدنيا والدين للماوردي (211-213) بتصرف]
قال ابن المعتزّ- رحمه الله تعالى -: من اتّخذ إخوانا كانوا له أعوانا. [ أدب الدنيا والدين(200) ]
قال المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه -: التّارك للإخوان متروك. [أدب الدنيا والدين (211)].
وقال الشافعي – رحمه الله تعالى -: ضياع العالم أن يكون بلا إخوان، وضياع الجاهل قلة عقله، وأضيع منهما من آخى من لا عقل له. [السير(10/41)]
قال العتابي لصاحب له: ما أحوجك إلى أخ كريم الأخوة، كامل المروءة، إذا غبت خلفك، وإذا حضرت كنَفَك، وإذا نكرت عرفك، وإذا جفوت لاطفك، وإذا بررت كافأك، وإذا لقي صديقك استزاده لك، وإن لقي عدوك كفَّ عنك غرب العادية، وإذا رأيته ابتهجت، وإذا باثَثْتَهُ استرحت.[كما في المنتقى من بطون الكتب(1/19)]
ومن تلك الأمور التي ينبغي التنبيه عليها:
1- الكتابة والقراءة.
عن معمر بن راشد- رحمه الله تعالى - قال: دخلت أنا وابن جريج مسجداً ومعي ألواح ومعه ألواح فجعل يكتب عني وأكتب عنه. [المصدر السابق(1667)]
إبراهيم الحربي وذاكروه النزول في الأخذ فقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: وقيل له: مالك على قدره يسمع من نظرائه قال: وما عليه يزداد به علما ولم يضره. [المصدر السابق(1670)]
وكان سفيان بن عيينة - رحمه الله تعالى - يقول :
لا يكون الرجل من أهل الحديث حتى يأخذ عمن فوقه وعمن هو دونه وعمن هو مثله. [المصدر السابق(1672)]
عبد الرحمن بن مهدي يقول: سمع سفيان الثوري مني حديثا فكتبه. [المصدر السابق(1674)]
كان قتيبة بن سعيد ، يقول: كتبت الحديث مع ابن المبارك وكتبت عنه وكتب عني. [المصدر السابق(1677)]
ذكر الإمام الذهبي - رحمه الله تعالى - في ترجمة - معمر بن عبد الواحد الأصبهاني -.
قال السمعاني – رحمه الله تعالى -:
شاب كيس حسن العشرة سخي النفس متودد قاضٍ للحوائج أكثر ما سمعت بأصبهان كان بإفادته يدور معي من بكرة إلى الليل، شكر الله سعيه، ثم كان ينفذ إلي الأجزاء لأكتبها ويكتب لي وفاة الشيوخ وحدثني بجزء انتقاه لي عن شيوخه.[تذكرة الحفاظ(4/77)].
قال الذهبي – رحمه الله تعالى - في ترجمة - ابن الخاظبة البغدادي رحمه الله -.
قال بن سكرة: كان محبوبًا إلى الناس كلهم فاضلا حسن الذكر ما رأيت مثله على طريقته، وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلا أعطاه أو دله عليه. [تذكرة الحفاظ(4/17)].
قال حماد: مات أبو قلابة بالشام فاوصى بكتبه لأيوب السختياني فجىء بها في عدل راحلة. وقال ابن علية أخبرنا أيوب قال أوصى لي أبو قلابة بكتبه فأتيت بها من الشام فأديت كراءها بضعة عشرة درهما. [تذكرة الحفاظ(1/73)]
فإذا بلغ عن أخيك شيئاً فتثبت عنه واكتب إليه واستفهم ولا تتعجل ولا تتسرع فإن العجلة علامة الجهل.
كتب عبيد الله بن عبد اللهّ إلى عُمَر بنِ عبد العزيز، وبلغه عنه شيء يكرهه:
أبا حَفْص أتاني عَنك قَول ... قُطعتُ به وضَاق به جَوابي
أبا حَفْص فلاَ أدْرِي أَرَغْمِي ... تُريد بما تُحاول أم عِتابي
فإنْ تك عاتباً تُعْتِبْ وإلا ... فما عُودي إذاً بيَرَاع غاب
وقد فارقتُ أعظمَ منك رُزءًا ... وواريتُ الأحِبَّة في التراب
وقد عَزًّوا علي واْسْلمَوني ... معاً فَلَبْستُ بعدهُم ثِيابي
[العقد الفريد(1/164)]

2-البذل والعطاء والإعانة وتفقد الأخ والسؤال عنه.
قال عطاء بن أبي رباح - رحمه الله تعالى -:
تفقّدوا إخوانكم بعد ثلاث فإن كانوا مرضى فعودوهم أو مشاغيل فأعينوهم أو كانوا نسوا فذكّروهم. [الإخوان لابن أبي الدنيا (194)]
قال أبو جعفر بن صهبان- رحمه الله تعالى-: كان يقال: أوّل المودّة طلاقة الوجه، والثّانية التّودّد، والثّالثة قضاء حوائج النّاس. [الإخوان لابن أبي الدنيا (194)]
علي بن عاصم – رحمه الله تعالى - قال:
خرجت من واسط إلى الكوفة أنا وهشيم لنلقى منصورا ، فلما خرجت من واسط سرت فراسخ لقيني إما أبو معاوية أو غيره فقلت : أين تريد قال : أسعى في دين علي قال : فقلت : ارجع معي فإن عندي أربعة آلاف درهم أعطيك منها ألفين فرجعت فأعطيته ألفين ثم خرجت فدخل هشيم الكوفة بالغداة ودخلتها بالعشي فذهب هشيم فسمع من منصور أربعين حديثا ودخلت أنا الحمام فلما أصبحت مضيت فأتيت باب منصور فإذ جنازة فقلت : ما هذه ؟ قالوا : جنازة منصور فقعدت أبكي ...الخ. [الجامع لأحكام الراوي(1750)].
قال الذهبي - رحمه الله تعالى – في ترجمة الفضيل:
وكان يعيش من صلة ابن المبارك ونحوه من أهل الخير، ويمتنع من جوائز الملوك. [السير(8/442)]
قال أبو حازم الأعرج: لقد رأيتنا في مجلس زيد بن أسلم أربعين فقيها أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا وما رأيت فيه متمارين ولا متنازعين في حديث لا ينفعنا. [تذكرة الحفاظ(1/100)]

3- الثناء والاعتراف بالفضل للأخر.
من أعظم ما يحلب المحبة ويألف القلوب لهو الثناء وإنزال الناس منازلهم والاعتراف لهم بالفضل والخير وهذا أمر معترف به في دين الله تبارك وتعالى فالله جل وعلا يحب الثناء وقد أثنى الله على نفسه وعلى ملائكته وعلى أنبيائه ورسله وعلى عباده الصالحين في كتاب الله تعالى وسار على ذلك رسول الله فكم نفتش ونذكر من ثنائه على أصحابه بل وعلى من لم يره من أتباعه عليه الصلاة والسلام والصحابة والعلماء والصالحين من الاعتراف بالفضل والخير لأهله هذه طريقتهم وهذا دأبهم ولكن ينبغي أن يضبط ذلك بميزان العدل والإنصاف وعدم الإجحاف وترك الإطراء المذموم والتنبه إلى فتنة الرجل في مدحه فهذا وغيره من الضوابط أمر واجب لازم وأدلة ذلك كثيرة جداً.
روى الذهبي عن الطحاوي – رحمهما الله تعالى - قال: حدثنا يونس: سمعت سفيان وذكر حديثا فقالوا: يخالفك فيه مالك، فقال: أتقرنني بمالك ؟ ما أنا وهو إلا كما قال جرير:
وابن اللبون إذا ما لز في قرن * لم يستطع صولة البزل القناعيس.
[السير(8/74)]
قال المحقق للسير: ابن اللبون: ما أوفى على ثلاث سنين، لز: ربط. القرن: الحبل الذي يشد به البعيران ونحوهما فيقرنان معا، والبزل: جمع بازل: البعير الذي دخل في السنة التاسعة، والقناعيس: جمع قنعاس: الجمل العظيم الجسم، الشديد القوة، قال البغدادي: ضربه مثلا لمن يعارضه ويهاجيه، يقول: من رام إدراكي كان بمنزلة ابن اللبون إذا قرن في قرن مع البازل القنعاس، إن صال عليه لم يقدر على دفع صولته ومقاومته، وإن رام النهوض معه قصر عن عدوته.
وعن سليمان بن يسار – رحمه الله تعالى - أنّ أبا سلمة بن عبد الرّحمن وابن عبّاس اجتمعا عند أبي هريرة. وهما يذكران المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال. فقال ابن عبّاس عدّتها آخر الأجلين. وقال أبو سلمة قد حلّت. فجعلا يتنازعان ذلك. قال: فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي (أبي سلمة) فبعثوا كريبا (مولى ابن عبّاس) إلى أمّ سلمة يسألها عن ذلك؟ فجاءهم فأخبرهم أنّ أمّ سلمة قالت: إنّ سبيعة الأسلميّة نفست بعد وفاة زوجها بليال. وإنّها ذكرت ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأمرها أن تتزوّج. [مسلم(1485) ]
قال ابن عبد البر – رحمه الله تعالى - في التعليق على هذا الحديث الذي أورده في التمهيد: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَلَالَةِ أَبِي سَلَمَةَ وَأَنَّهُ كان يفتي مَعَ الصَّحَابَةِ وَأَبُو سَلَمَةَ الْقَائِلُ لَوْ رَفَقْتُ بِابْنِ عَبَّاسٍ لَأَخْرَجْتُ مِنْهُ عِلْمًا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَزَالُوا يَتَنَاظَرُونَ وَلَمْ يَزَلْ مِنْهُمُ الْكَبِيرُ لَا يَرْتَفِعُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَا يَمْنَعُونَ الصَّغِيرَ إِذَا عَلِمَ أَنْ يَنْطِقَ بِمَا عَلِمَ وَرُبَّ صَغِيرٍ فِي السِّنِّ كَبِيرٌ فِي عِلْمِهِ وَاللَّهُ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُنَاظَرَةَ وَطَلَبَ الدَّلِيلِ وَمَوْقِعَ الْحُجَّةِ كَانَ قَدِيمًا مِنْ لَدُنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ هَلُمَّ جَرًّا لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ عِنْدَ التَّنَازُعِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَفِيمَا فِيهِ نَصٌّ أَيْضًا إِذَا احْتَمَلَ الْخُصُوصَ لِأَنَّ السُّنَّةَ تُفِيدُ مُرَادَ اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ. [التمهيد(23/150-151) ]

4- الدعاء.
عن أمّ الدّرداء - رضي اللّه عنها - قالت لصفوان بن عبد اللّه بن صفوان، لمّا قدم عليها من الشّام وكان متزوّجا أمّ الدّرداء: أتريد الحجّ العام؟ قال: نعم. قالت: فادع اللّه لنا بخير. فإنّ النّبيّ كان يقول: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكّل. كلّما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكّل به: آمين ولك بمثل». [البخاري(6338)].
الدعاء شأنه عظيم في جلب القلوب واجتماعها لاسيما إن كانت على الخير والعلم والدعوة إلى الله تعالى وقد بين لنا الحبيب محمد هذا المنهاج العظيم في الدعاء للغير فكان عليه الصلاة والسلام يدعو لأصحابه خاصة بالخير بل كان يدعو احتى للكفار لمن يرجو منهم الإسلام عليه الصلاة والسلام فهلا سرنا على ملازمة الدعاء لبعضنا البعض كمسلمين لا سيما في ظهر الغيب فإنه أبعد عن الرياء والمجاملة وقد دعا رسول الله لابن عباس وأنس وجرير أبي هريرة وأمه وغيرهم كثير ودعا لدوس وللأنصار والمهاجرين وغيرهم من العباد كثير جداً بل دعا لأمته وخبأ دعوته لهم يوم القيامة.
فالدعاء لمن يرجى منه الصلاح ومن صلاحه صلاح العباد كالأمراء والعلماء والدعاة والأشراف والكبراء والأولاد والنساء والجيران بل وكل العباد أمر مهم جداً نسأل الله النفع والخير لنا ولسائر المسلمين.

5- التواضع.
عن عياض بن حمار المجاشعيّ- رضي الله عنه-: أنّ رسول اللّه قال ذات يوم في خطبته: «ألا إنّ ربّي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم ممّا علّمني، يومي هذا» ... الحديث، وفيه: «وإنّ اللّه أوحى إليّ أن تواضعوا حتّى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد» [مسلم(2856)].
عن حارثة بن وهب الخزاعيّ- رضي الله عنه- أنّه سمع النّبيّ يقول: «ألا أخبركم بأهل الجنّة؟» قالوا: بلى. قال صلّى اللّه عليه وسلّم: «كلّ ضعيف متضعّف لو أقسم على اللّه لأبرّه». [البخاري (6071)، مسلم (2853) واللفظ له].
كان وكيع – رحمه الله تعالى - يقول :
لا يكون الرجل عالما حتى يسمع ممن هو أسن منه وممن هو دونه وممن هو مثله. [الجامع لأخلاق الراوي(1665)].
سئل الفضيل بن عياض– رحمه الله تعالى - عن التّواضع؟ فقال: «يخضع للحقّ، وينقاد له ويقبله ممّن قاله، ولو سمعه من صبيّ قبله، ولو سمعه من أجهل النّاس قبله» [مدارج السالكين (2/ 342)].
قال الجنيد بن محمّد: التّواضع هو خفض الجناح ولين الجانب. [مدارج السالكين (2/ 342)].
قال العَوَّامي لعلي بن عيسى الوزير: إن الحال بينك وبين ابن مجاهد صفيقة، فما الذي قربه منك، ونَفَّقه عليك، وأولعك به؟
قال: وجدته متواضعاً في علمه، هشاً في نسكه، كتوماً لسره، حافظاً لمروءته، شفيقاً على خليطه، حسن الحديث في حينه، محمود الصمت في وقته، بعيد القرين في عصره، والله لو لم يكن فيه من هذه الأخلاق إلا واحدة لكان محبوباً، ومقبولاً.[كما في المنتقى من بطون الكتب(1/26)]
6- العفو والسماحة.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول اللّه : «من أقال مسلما أقال اللّه عثرته»[أبو داوود (3460)وحسنه العلامة الألباني].
وقال الذهبي – رحمه الله تعالى - [في ترجمة ابن أبي داود]:
قَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ يَقُوْلُ: كُلُّ النَّاسِ مِنِّي فِي حِلٍّ إِلاَّ مَنْ رَمَانِي بِبُغْضِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ فِي الاَبْتِدَاءِ يُنْسَبُ إِلَى شَيْء مِنَ النَّصْبِ، فَنَفَاهُ ابْنُ الفُرَاتِ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى وَاسِطَ، فَرَدَّهُ ابْنُ عِيْسَى، فَحَدَّثَ، وَأَظْهَرَ فَضَائِلَ عَلِيٍّ ثُمَّ تَحَنْبَلَ، فَصَارَ شَيْخاً فِيهِم.
قال الذهبي: كَانَ شَهْماً، قَوِيَّ النَّفْسِ، وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ، وَبَيْنَ ابْنِ صَاعِدٍ وَبَيْنَ الوَزِيْرِ؛ ابْنِ عِيْسَى الَّذِي قَرَّبَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَطَّانُ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ جَرِيْرٍ، فَقِيْلَ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ يَقْرَأُ عَلَى النَّاسِ فَضَائِلَ الإِمَامِ عَلِيٍّ.
فَقَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: تَكْبِيْرَةٌ مِنْ حَارِسٍ.-كأنه وصفه بالقول بما لا يعتقد والله أعلم-
قال الذهبي: لاَ يُسْمَعُ هَذَا مِنِ ابْنِ جَرِيْرٍ للعَدَاوَةِ الوَاقِعَةِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ. [السير(13/320)]
وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى ... وفارق ولكن بالتي هي أحسن
سامح صديقك إن زلت به قدمُ ... فليس يسلمُ إنسان من الزللِ
وقال القاسم بن مخيمرة: ما أغلقت بابي ولي خلفه هم. [تذكرة الحفاظ(1/92)]

7- الدفاع عنه ونصرته إذا ظُلم.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه : «المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكفّ عليه ضيعته ويحوطه من ورائه».[رواه أبو داوود(4918) وحسنه العلامة الألباني]
وعن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: أمرنا رسول اللّه بسبع ونهانا عن سبع. فذكر عيادة المريض واتّباع الجنائز وتشميت العاطس وردّ السّلام، ونصر المظلوم وإجابة الدّاعي وإبرار القسم.[البخاري(2445)،مسلم(2066)].

8- إعانته في كف الأذى إذا ظَلم.
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال: رسول اللّه : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». قال: يا رسول اللّه، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟. قال: «تأخذ فوق يديه». [البخاري (2444)]

9- كف الأذى عنه.
عن ابن عمر- رضي الله عنهما - قال: قال: رسول اللّه -: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان اللّه في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج اللّه عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره اللّه يوم القيامة». [البخاري(2442) مسلم(2580)].

10- العذر في المسائل الاجتهادية.
قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى -:
مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم يُنكر عليه ولم يُهجر، ومن عمل بأحد القولين لم يُنكر عليه، وإذا كان في المسألة قولان؛ فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به، وإلا؛ قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين، والله أعلم. [مجموع الفتاوى(20 / 207)]
وقال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوما في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة.
قلت[الذهبي]: هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام، وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون. [السير(10/ 16)]
11- الستر والنصح سراً.
قال يحيى: ما رأيت على رجل أخطأ إلا سترته، وأحببت أن أزين أمره، وما استقبلت رجلاً في وجهه بأمر يكرهه، ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه، فإن قبل ذلك، وإلا تركته. [السير(11/ 83)]
قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -:
من كان مظهراً للفجور أو البدع يجب الإنكار عليه ونهيه عن ذلك، وأقل مراتب الإنكار هجره لينتهي عن فجوره وبدعته، ولهذا فرق جمهور الأئمة بين الداعية وغير الداعية؛ فإن الداعية أظهر المنكر فاستحق الإنكار عليه، بخلاف الساكت؛ فإنه بمنزلة من أسر بالذنب، فهذا لا ينكر عليه في الظاهر، فإن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة، ولهذا كان المنافقون تقبل منهم علانيتهم وتوكل سرائرهم إلى الله تعالى، بخلاف من أظهر الكفر. [مجموع الفتاوى (23 / 342)]

12- أن يكون الحق مقدم على كل شيء مقبول من الجميع.
قال عباس الدوري: حدثنا يحيى بن معين، قال: حضرت نعيم بن حماد بمصر، فجعل يقرأ كتابا صنفه، فقال: حدثنا ابن المبارك، عن ابن عون، وذكر أحاديث، فقلت: ليس ذا عن ابن المبارك، فغضب، وقال: ترد علي ؟ قلت: إي والله، أريد زينك، فأبى أن يرجع، فلما رأيته لا يرجع، قلت: لا والله، ما سمعت هذه من ابن المبارك، ولاسمعها هو من ابن عون قط.
فغضب، وغضب من كان عنده، وقام فدخل، فأخرج صحائف، فجعل يقول، وهي بيده: أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس بأمير المؤمنين في الحديث ؟ نعم، يا أبا زكريا: غلطت، وإنما روى هذه الاحاديث غير ابن المبارك، عن ابن عون.[السير(11/ 89-90)].

13- الفرح بما يفتح الله من العلم والعمل والقبول والدعوة.
فالعالم المخلص هو الذي يفرح بنصرة الدين والسنة سواء كان على يده أو على يد غيره ولو كان أقل منه علما لأن الأصل النصر لدين الله وإعلاء كلمته سبحانه وتعالى وإذا كان هذا شأن العالم والداعي إلى الله فهذا من أعظم الأدلة على إخلاصه وإرادته وجه الله تبارك وتعالى فهنيئا لمن كان هذا خلقه وسيره فهو بعيد عن الحسد والغل الذي يصاب به بعض الدعاة يريد أن لا يكون في الواجهة والصدارة إلا هو إذا فتح الله على طالب في القبول بين الناس تتبع عثراته وزلاته وحاسبه محاسبة الشريك لشريكه والقصد هو النفع مع ملازمة السنة نسأل الله تعالى التوفيق والسداد وملازمة الحق.

14- التغاضي والتغافل.
قال ابن الحافظ العراقي عند حديث إن الله يحب الرفق في الأمر كله: وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَغَافُلِ أَهْلِ الْفَضْلِ عَنْ سَفَهِ الْمُبْطِلِينَ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ وَفِي التَّنْزِيلِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْكَيِّسُ الْعَاقِلُ هُوَ الْفَطِنُ الْمُتَغَافِلُ وَمِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ، عَظِّمُوا مَقَادِيرَكُمْ بِالتَّغَافُلِ وَهَذَا الْكَلَامُ مِمَّا كَانَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُؤَدِّبُنِي بِهِ فِي مَبْدَأِ شَبَابِي حِينَ يَرَى غَضَبِي مِنْ كَلِمَاتٍ تَرِدُ عَلَيَّ. [طرح التقريب في شرح التثريب(8/111)].

وعن ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلَا يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ. [مقدمة صحيح مسلم]
عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الْكَذِبِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ. [مقدمة صحيح مسلم]
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ حَتَّى يُمْسِكَ عَنْ بَعْضِ مَا سَمِعَ. [مقدمة صحيح مسلم]

وقال الذهبي – رحمه الله تعالى -:
فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ، واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه، فالله حكم مقسط، ثم يحمد الله على سلامة دينه، ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له. [السير(8/80-81)].

قال عبدالله بن جعفر: كمال الرجل بخلال ثلاث:
معاشرة أهل الرأي والفضيلة، ومداراة الناس بالمخالقة الجميلة، واقتصاد من غير بخل في القبيلة، فذو الثلاث سابق، وذو الاثنين زاهق، وذو الواحدة لاحق، فمن لم تكن فيه واحدة من الثلاث لم يسلم له صديق، ولم يتحنَّن عليه شفيق، ولم يتمتع به رفيق.[كما في المنتقى من بطون الكتب(1/19)].

15 - الإجلال والتعظيم والمحبة.
فحقُّ الجليس إذا دنا أن يُرحب به، وإذا جلس أن يوسع له، وإذا حدث أن يُقْبَل عليه، وإذا عثر أن يقال، وإذا أُنقص أن ينال، وإذا جهل أن يُعَّلم. [كما في المنتقى من بطون الكتب(1/23)]

16- ترك حضوض النفس.
عن يزيد بن أبي حبيب المصري قال: لا أدع أخا لي يغضب علي مرتين, بل انظر الأمر الذي يكره فأدعه. [تذكرة الحفاظ(1/98)].

17- حسن الخلق مع الإخوان.
قال محمد بن الحنفية: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد بُدَّاً من معاشرته حتى يجعل الله له من ذلك مخرجاً.
قال الجُنَيْد: لو صحبني فاجر حسن الخُلُق كان أحبَّ إلي من أن يصحبني عابد سيء الخلق.
قال برهان: لأن الفاجر الحسن الخلق يُصلحني بحسن خُلقه، ولا يضرني فجوره، والعابد السيئ الخلق يفسدني بسوء خلقه، ولا ينفعني بعبادته؛ لأن عبادة العابد له، وسوء خلقه عليَّ، وفجور الفاجر عليه، وحسن خلقه لي.
18- البشر والبشاشة.
هي سرور يظهر في الوجه يدلّ به على ما في القلب من حبّ اللّقاء والفرح بالمقابلة. فمن أظهره كان مأجوراً ينال الخير والثواب وهذا يعتبر من الصدقة التي تكون من العبد على الناس بحسن لقائهم والبشاشة والبشر في وجوههم.
فعن أبي ذرّ- رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه : «لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» [مسلم(2626)]
وعن جرير بن عبد اللّه البجليّ- رضي الله عنه- أنّه قال: ما حجبني رسول اللّه منذ أسلمت، ولا رآني إلّا تبسّم في وجهي ولقد شكوت إليه أنّي لا أثبت على الخيل. فضرب بيده في صدري وقال: اللّهمّ ثبّته واجعله هاديا مهديّا» .[البخاري(3035)، مسلم (2475)]
وقال حماد: ما رأيت رجلا قط أشد تبسماً في وجوه الناس من أيوب. [تذكرة الحفاظ(1/99)].
قال بعض الشّعراء:
أزور خليلي ما بدا لي هشّه ... وقابلني منه البشاشة والبشر.
فإن لم يكن هشّ وبشّ تركته ... ولو كان في اللّقيا الولاية والبشر.
وحقّ الّذي ينتاب داري زائرا ... طعام وبرّ قد تقدّمه بشر.

المرجع/ حياة الأقران وكلام بعضهم في بعض(ص 142-154)
نسأل الله أن ييسر بطباعته


════ ❁✿❁ ════
https://t.me/taheer77
════ ❁✿❁ ════
*✍ إنشـــر.فنشر.العــلم.من.أجل.القربـــات.ms*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تلحين العبادات القولية

  📮التلحين في العبادات القولية. بالنسبه للتلحين في العبادات القولية لا يوجد عبادة من العبادات يشرع فيها التلحين والذي هو مشروع تحسين الصوت ...